-A +A
ياسر سلامة
في العادة يرفض الناس قرارات وأحكام الهيئات الطبية الشرعية والتي يزيد عددها حاليا عن العشرين على مستوى المملكة، هذه الهيئات المسؤولة عن قضايا الأخطاء الطبية بكافة أنواعها، والتي تفصل وتحكم في أي خلاف ينشأ بين المريض من جهة والطبيب أو المنشأة الصحية من جهة أخرى.
الناس ترى أن أحكام هذه الهيئات لا تتوافق وحجم الضرر الذي قد يسببه الخطأ الطبي، فمثلا مريض تعرض للعمى أو فقد إحدى عينيه نتيجة إهمال من جراح العيون المعالج، وبعد إثبات هذا الإهمال من الناحية المهنية من الممكن أن يفاجأ هذا المريض بتعويض لا يتجاوز العشرين ألف ريال، والقصص على هذا المنوال كثيرة، ولذلك يجد الكثير أن أحكام الهيئات الطبية الشرعية ليست رادعة للمارسين الصحيين المستهترين بأرواح الناس بل على العكس تبعث مزيدا من الاستهتار واللامبلاة في قلوب من لا رحمة في قلوبهم.

تركيبة هذه الهيئات قد لا يعرفها الكثير، فهي وإن كانت مديريات الشؤون الصحية المتلقي الأول لأي شكوى أو تظلم من المريض أو أهله إلا أن تكوين الهيئة الشرعية يشترك فيها عدة جهات، فأعضاء كل هيئة طبية شرعية عبارة عن خليط إلزامي ومن ثلاث جهات، الجهة الأولى وزارة الصحة وتشترك في كل هيئة طبية بعضوين، والجهة الثانية وزارة التعليم العالي وتشترك في كل هيئة بعضو أو عضوين من أساتذة الجامعات ترشيحهم يتم من مرجعهم، والجهة الثالثة وزارة العدل وهي من يرشح قاضي من الفئة ألف لكل هيئة.
أعضاء وزارتي الصحة والتعليم العالي في الهيئات الطبية الشرعية دورهم محدد وهو البت في الأمور الطبية الفنية وتحديد نسبة حدوث الخطأ والجهة المسؤولة عنه، فعلى سبيل المثال قد تكون هذه الجهة الجراح أو طبيب التخدير أو الممرضة أو المستشفى أو أي جهة أخرى، ويبقى هنا الحكم الشرعي فهو مسؤولية قاضي وزارة العدل مسؤولية مطلقة ولا يمكن أن يتدخل فيه بقية أعضاء الجهات المشاركة لأنه ببساطة أمر وحكم شرعي بحت.
ولهذا أيضا تختلف أحكام الهيئات الطبية الشرعية باختلاف قضائها، لأن الهيئات الطبية الشرعية كالمحاكم المستقلة المتخصصة، والحكم فيها من الممكن أن يختلف من قاض لآخر في نفس الخطأ الطبي.
تبقى فرصة التظلم على الحكم في ديوان المظالم وهو حق مشروع للمحكوم له أو عليه، ليظهر بعد كل هذا براءة وزارة الصحة من أحكام الهيئات الطبية الشرعية مع مسؤوليتها الكاملة عن ترخيص مزاولة المهنة للممارسين الصحيين، ولا يكون ذلك إلا بعد التأكد من شهاداتهم ومؤهلاتهم وسنوات خبرتهم وتصنيفهم من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي تقوم منذ زمن بدور تقني متطور بالاتفاق مع إحدى الشركات الأمريكية للتأكد من مصداقية شهادات الأطباء والممارسين الصحيين بصفة عامة، مع حرصها على التأكد من شهادات التدريب والممارسة والخبرة والتعليم المستمر والتي بدونهم لا تعتمد هيئة التخصصات الصحية تصنيف وترقية أي طبيب أو ممارس صحي.